"القلق الأستباقى" .. مرض أصاب هدهد سليمان والعلماء يصفونه بالقاتل

تعبيرية
تعبيرية

في تهديد سيدنا سليمان للهدهد عندما لم يجده كما جاء فى القرآن الكريم {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} ، هو تهديد وارد، وأمر طبيعي بالنسبة لجندي جعله قائده أو ملكه حارساً، أو على ثغرة، يتخلى عنها، ويتركها بدون إذن أو علم من قائده، وخاصة أن بعض الروايات تقول إن الهدهد كان دليلاً على الماء، ومكلفاً بالتنقيب عنه لسليمان وجنوده.

ومن وقت ما وعد سيدنا سليمان الهدهد وهو لا يكف عن التفكير فى نوع العذاب ، وهاجمته العديد من  الأسئلة وأكثر منها وسببت عذابا هائلا للهدهد، وهو ما يذكرك بالمثل الشعبي «وقوع البلاء ولا انتظاره». لأنه كان فى حالة انتظار لعقاب لا يعرف كنهه ولا الآثار المترتبة عليه، وكان فريسة لكل الأفكار المرعبة ، ومرت أيام طويلة على الهدهد وهو فريسة لهذه المخاوف حتى سقط ريشه وأصابه الهزال، بل حدث له ما هو أسوأ من ذلك كله ،  لقد عجز فعلا عن الطيران ، مما دفعة بمطالبة سيدنا سليمان بسرعة تنفيذ االعقوبة ، وقال له لقد قلت لي إنك سترسل «الفكر» ليعاقبني ، ولكنه لم يأتني حتى الآن.. أرجوك يا سيدنا أنا من خوف العذاب في عذاب.

فابتسم سيدنا وقال له بلطف: لقد أرسلته لك بالفعل ، وهو ما يطلق عليه بأن المريض لديه «فكر» وفق ما قاله الكاتب على سالم ، وهذا ما يطلق عليه العلم الحديث "القلق الإستباقيّ" ، وهو المسمى الأعم والأشمل للقلق ، كما يمكن للقلق أن يأتي في شكل أعراض جسديّة أو سلسلة من الهموم المستمرّة وعادة ما يكون القلق مصحوبًا بشعور بالخوف إتجاه المستقبل وشكوك تتمحور حول أداء الشّخص أو سلامته أو سعادته. بالتّالي، يمكن أن يتواجد القلق الإستباقيّ مع كلّ أشكال القلق هذه ، وهو ما يصفه العلماء بثالث مستويات الخوف

ويعتبر القلق الإستباقيّ حافزًا قويًا للتجنّب لأنّه يجعل الأمور السلبيّة التي يمكن أن تحدث محور إهتمامك ، فإن كانت تنبّؤاتك سلبيّة نوعًا ما كالتفكير في شيئ يمكن أن يحدث لك خلال اجتماع مهم، فمن الضرورى تجاهل الأمر.

و القلق الإستباقيّ لا ينطوي فقط على توقّعات بالقلق أو الهلع بل ينطوي كذلك على توقّعات بالإشمئزاز والغضب والخجل والنّدم والمهانة والإرهاق أو أيّ شعور غير مرغوب فيه ، إذن تنشأ الرّغبة الملحّة لتجنّب شيء ما من توقّع مشاعر سلبية خشية من إخفاق رهيب أو خسارة أو مصيبة.

و القلق الإستباقيّ يصفونه العلماء بأنه قد يكون قاتل ببطئ ، لأنه المتسبّب الرئيسي في فرط التّنفس المزمن الذي يهيّأ المجال لنوبات الهلع ، كذلك يمكنه أن يكون السّبب وراء مشاكل الجهاز الهضمي المزمنة من قبيل الإسهال أو الغثيان أو التقيؤ ، كما يعدّ القلق الإستباقي المحرّك الرئيسي لاضطراب القلق العامّ ، وهو الميل نحو القلق العقيم والمفرط وببساطة، إنّ التخيلات المزعجة والتساؤلات الافتراضية التي تنطلق من سؤال «ماذا لو ؟» المرتبطة باضطراب القلق العام هي قلق استباقي.

من الضروري معالجة العوامل ما وراء الذهنيّة التي تبقي على القلق، مثل الاعتقاد الخاطئ بأنّ الأفكار التي تثير القلق و الشكّ هي أفكار تنذر بالخطر أو تُنبّئنا بالمستقبل ، إضافةً إلى ذلك، لا يجب التشجيع على التخطيط للهرب والغرق في التفكير والهموم وأشكال التجنّب الأخرى مثل الطّمأنة الذاتيّة الجوفاء ومواجهة المشكله لأيجاد الحل مثل ما فعل هدهد سليمان.

 

ترشيحاتنا